‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبو الفيز فى باريز ( 2). إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبو الفيز فى باريز ( 2). إظهار كافة الرسائل

03 نوفمبر 2009

أبو الفيز فى باريز ( الحلقة 2 ) وصول باريس :




على أحد مقاعد محطة القطار المتجة من ( مارسيليا ) الى باريس , فكرت كثيراَ فى وجهتى التى سأقصدها والمكان الذى أنا ذاهب إليه فمدينة باريس - حسب علمى المسبق - كبيرة جداً ويكفى أن عدد سكانها - وقتئذ - يناهز التسعة ملايين نسمة كما يوجد فيها أكثر من خمسة محطات قطار رئيسية أهمها ( جار دى ليست - جار دى نورد - ) الأمر الذى يتعين على فيه أن أحدد مسبقا وجهتى ومكان وصولى وذلك قبل حجز بطاقة الصعود للقطار تلافياً لأية إحتمالات للضياع فى بلد لا أعرفه ولم أزره من قبل وحرصاً على رصيدى المتواضع من الفرنكات التى لا تتجاوز الألفين والتى قمت بتغييرها قبيل سفرى - ملحوظة : كان الفرنك وقتها يعادل 18 قرشا مصرياً - وبعد أن طال بى التفكير  تذكرت أن لدى رقم تليفون أحد اصدقائى وجيرانى فى مصر كان قد إستقر به المقام فى باريس منذ وقت طويل لإعداد رسالة الدكتوراه فى جامعة السربون ( حالياً يشغل منصب عميد كلية الحقوق فى أحد الجامعات المصرية ) كنت أحتفظ برقم هاتفه على سبيل الإحتياط لكن الموقف الذى أنا بصدده إضطرنى الى ضرورة الإستعانة به رغم المرارة الشديدة التى ذقتها والجرح الغائر الذى سببه لى الأخ الذى تقابلت معه فى مارسيليا عند بدأ الرحلة ..لكنى أقنعت نفسى بضرورة الالتزام بمبدأ حسن النية وإفتراض أن هناك أناس طيبون - كما فعل معى الأخوة المغاربة -..... أخرجت رقم الهاتف من أجندتى وسارعت بالإتصال به فلم أجده ولكن بعد عدة محاولات رد على ونصحنى بأن احجز بطاقة القطار على محطة (جار دى نورد)  كما وعدنى بأنه سيكون فى إنتظارى عند الوصول ...
 حينئذ حجزت التذكرة وصعدت القطار وبحثت عن رقم مقعدي فوجدته وجلست بجوار النافذة ، لفت نظري وجود عبارات باللغة العربية مكتوبة على سطح المقاعد الجلدية بطريقة (الشخبطة)، منها مثلاً ( للذكرى الخالدة....) ، و ( ياجالس في هذا المكان صلي على النبي العدنان....الخ , وكان من الواضح أن كتبة العبارات من الجنسيات العربية مما أثار في نفسي النفور والتقزز والانزعاج من تلك الشخبطة والتي ان دلت على شيء فإنما تؤكد على تصدير ثقافة التفاهة التي عهدت في بعض الأغبياء من شعبنا العربي الى دول أخرى أكثر منا تطورًا ، حاولت أن أمحو تلك العبارات فلم أستطع.
تحرك القطار، ،، لفت انتباهي أن المسافرين معي على القطار – وأغلبهم من الفرنسيين- يشغلون وقت الرحلة بقراءة الصحف والمجلات أو الروايات والكتب المختارة ، ولا يوجد إطلاقًا أحد منهم لا يشغل نفسه بشيء إلاه العبد لله الذي التصق بنافذة القطار سعيدًا بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تمر أمامي والتي لم أشاهدها من قبل إلا في المجلات الأجنبية
تذكرت حال القطارات في مصر بالمقارنة مع سفينة الفضاء الأرضية( القطار)، حيث معظم نوافذ قطاراتنا محطمة الزجاج ، وحيث نادرًا ما تجد فيها مقعدًا سليمًا أو معافى البدن أو خاليا من المسامير أو بقايا زيت او شحم وحيث الركاب الذين لم يسعدوا أو يفوزوا بمقعد فتراهم يمتطون اماكن وضع الحقائب متدلية أرجلهم فوق رؤوس الجالسين على المقاعد من المسافرين وحيث صرخات بائعي السلع المختلفة من العصائر المثلجة والامشاط والغلايات والمجلات القديمة فضلاً عن صور دراماتيكية تتمثل في صور بشعة للمتسولين ممن فقدوا أحد أعضاء أجسادهم وهم يجبرونك على مشاهدتهم على تلك الصور ليرق اليهم قلبك وتجود بما فيه النصيب...أو امرأة تجر خلفها بعض الأطفال – المستأجرين- عراة الثياب لكي تشفق عليهم بحسنة قليلة لكي تمنع عنك( بلاوي كثيرة)،.... مؤكد أن الفارق كبير بل وشتان بين قطارات اوروبا و  (قطاراتنا التي عفى عنها الزمن
أفقت من تأملاتي وعيني شاخصة على الطبيعة الساحرة من نافذة القطار، لأفاجئ بتوقف القطار والاعلان عن وصوله الى محطة ( جاردي نورد) فى باريس .
نزلت الى ساحة المحطة الشاسعة لأكتشف ان فيها اكثر من سبعة مخارج لمدينة باريس، وأنه علي ان أحدد مسبقٌا أي اتجاه منها سيؤدي الى العنوان المطلوب أو المكان الذي سأجد فيه صديقي،
استعنت بالله وخرجت من بوابة اعتقدت أ نها هي المقصودة لكثرة عدد المسافرين الخارجين منها وحين خرجت من المحطة وجدتني في موقف لاأحسد عليه فهناك كم هائل من البشر بحيث يصعب علي التعرف على صديقي الذي لم أره من مدة طويلة،، وقفت في وسط ميدان المحطة بحيث أبدو ظاهرًا لمن يبحث عني وظللت على هذا النحو لأكثر من ساعة حتى فوجئت بمن يطرق كتفي من الخلف مناديا علي
-أبو الفيز في باريز؟
كان لقاء حارا مع الرجل الذي لم اره منذ مدة طويلة وقد جرى بيننا- ونحن في سيارته- حوارًا أكثر حرارة عن الأيام الخوالي في مدينة ( الزقازيق)، وعن الأصدقاء والذكريات.....الخ
وبعد أن وصلنا منزلة وتناولنا العشاء كان من الضرورى أن أرتاح قليلاً بعد رحلة إستغرقت أربعة ساعات .. بعدها نزلنا سوياً للتنزة فى شوارع باريس وكان من الطبيعى أن يكون المكان الأول هو شارع الشانزليزية الذى دائماً مانسمع عنه وفى الحقيقة كان إنبهارى وإندهاشى ليس من المكان ذاته فقط وإنما بهذا الحجم الهائل من البشر من شتى أنحاء لعالم هذا فضلاً عن المنازل والبيوت التاريخية العريقة التى مازالت تحتفظ بألوانها الحقيقية الباهتة منذ قرون مضت , هندسة معمارية رائعة تبعث على النفس راحة ,
جلسنا على أحد المقاهى فى الشارع  لنرتاح قليلاً ثم بدأنا تكملة الجولة كان خلالها صديقى يشرح لى اسماء الأماكن ونبذة تاريخية عنها حتى إقتربنا من منتصف الليل فعدنا بالسيارة رغم انى كنت أتمنى فى قرارة نفسى أن أركب المترو الذى سمعت أنه يسير تحت الأرض والذى كان يمثل فى خاطرى أحد أعاجيب الزمن فى ذاك الوقت.. ابلغت صديقى برغبتى فوعد بأن يكون ركوب المترو هو بداية رحلتنا فى الصباح
فى اليوم التالى كنت شديد الحماس لرؤية - برج إيفل - وقوس النصرو كاتدرائية نوتردام والمسلة المصرية بميدان الكونكورد وبعض من المعالم التى كنت أسمع او أقرأ عنها فركبنا المترو حتى وصولنا الى محطة - جورج سانك - ومن هذه البقعة بدأنا المسير على الأقدام حيث الأماكن المذكورة قريبة من بعضها .. تجولنا كثيراً وقضينا وقتاً ممتعاً وكان علينا تناول الغذاء فإصطحبنى الصديق الى مطعم المدينة الجامعية الذى تتسع صالته لإستيعاب أكثر من الفى طالب من جميع جنسيات العالم ممن يدرسون فى باريس فى شتى أنواع العلوم .. تناولنا الغذاء وعدنا الى المنزل وهناك جرى بينى وبين صديقى حوارهو فى الحقيقة جوهر سفرى الى فرنسا وهو عن كيفية التسجيل فى جامعة السربون للتمهيد الى إعداد الدراسات العليا فى القانون وحقيقة لم يبخل على الرجل بالمعلومات المطلوبة وأمدنى بكتيبات الجامعة التى تعنى بكيفية الإلتحاق والمستندات المطلوبة ومواعيد التسجيل وشروطة وغير ذلك من المعلومات الضرورية .. وهنا أتوقف عن الكتابة حيث سأبدأ - إن شاء الله - فى الحلقة القادمة عن

ذكرياتى فى الجامعة .
متحف اللوفر وبرج ايفل - اضغط للتكبير