‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبو الفيز فى باريز ( 3). إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبو الفيز فى باريز ( 3). إظهار كافة الرسائل

07 نوفمبر 2009

أبو الفيز فى باريز ( الحلقة 3 ) عقبات يجب تخطيها :


ميدان الكونكورد  

ثلاثة أيام قضيتها فى ضيافة صديقى كان خلالها نموذجاً للصديق الوفى فلم يدخروسعاً
فى تهيئة كل وسائل الراحة الممكنة مما بعث فى نفسى شىء من الطمأنينة وأزال من و جدانى الشعور بفقدان الأهل والوطن .. لم يبخل على الرجل - بارك الله فيه - بأية معلومات خاصة ماتعلق منها بالدراسة وبمراحلها المختلفة بدءاً من التسجيل وحتى مرحلة الإعداد لرسالة الدكتوراة  الغاية المبتغاة - ولقد لاحظت - من خلال الحوار - أن المهمة ليست باليسيرة فهناك إجراءات شكلية تتعلق بشروط التسجيل فى الجامعة والمستندات المطلوبة ومواعيد التقديم وإختبارات تحديد المستوى اللغوى والقانونى والتى يعقبها الحصول على موافقة إدارة الجامعة بالقبول  ومع الأخذ فى الإعتبار ضرورة تخطى إجراءات ( معادلة ) شهادة ليسانس الحقوق من حيث صفة الجامعة الصادر منها الشهادة والمواد العلمية ... الخ ... علاوة على ضرورة تقديم وثيقة إثبات  المقدرة المالية على الإعاشة طوال مدة الدراسة .. أما فيما يتعلق بالشروط الموضوعية فهى تنحصر إجمالاً فى نوعية ومجال الدراسة والدرجة العلمية المطلوبة وما يناسبها من إجراءات علمية متخصصة وهذه هى أهم مافى الموضوع بأكمله بل وهى الأساس الذى يجب فيه على الطالب تحديد مشوار الدراسة إبتداءاَ وإختيار البرنامج الأمثل لتحقيق مايصبو إليه  
أما فيما يتعلق  بالنواحى العامة للحياة فى فرنسا فقد كان للحوار نصيب مهم فى تلك المسألة فهناك ضروريات لاغنى عنها مثل حالة تقنين الإقامة الشرعية والبحث عن مصدر رزق مناسب لايتعارض مع برامج الدراسة والسعى لتدبير مكان إقامة ثابت ودائم علاوة على ضرورة تحسين مستوى اللغة الفرنسية .
كان على أن أبدأ الطريق منفرداً وإعتماداً على الذات وتلك كانت مسألة تشكل هاجساً مرعباً منذ خطواتى الأولى فى بلاد الإفرنج - كما كان يسميها طه حسين ورفاعة الطهطاوى والجبرتى - وذلك نظراً لكونها التجربة الأولى فى حياتى التى أغامر فيها بالخروج من الواقع المحلى للواقع الدولى وبدون تجربة سابقة فى الإعتماد على النفس ويمكننى أن أقول أنها رحلة الى المجهول سيما وأن مشروع الدراسة بأكمله سيكون على نفقتى الخاصة وبمجهودى المنفرد وتلك الوجهة تختلف كثيراً عن ( منحة الدولة أو الإبتعاث ) حيث لايكون الطالب مضطراً للعمل لتدبير أمور حياته المعيشية ولديه الوقت الكامل للتفرغ للدراسة  وشتان بين هذا وذاك .
كان أكثر مايشغلنى هو تفكيرى الدائم فى مبدأ وجودى على أرض باريس وحلم تحقيق الذات وكيفية وأسلوب تحقيقه .. صحيح كانت هناك عراقيل وعوامل مثبطة ولكنى كنت على يقين بأن الله تعالى لن يخذلنى وأنه سبحانه وتعالى سيوفقنى , كنت أنظر دائماً وبرؤى متفائلة الى من سبقونى من الرعيل الأول والذين نحتوا بأظافرهم فى الصخر ليسجل لهم التاريخ أروع الملاحم وأذكر منهم طه حسين الذى فاز على نفسة ودلل على أنه ليس هناك مستحيل رغم كونه لا يبصر ومثله رفاعة الطهطاوى صاحب كتاب ( الإبريز فى تلخيص باريز ) .. وتوفيق الحكيم الذى وإن كان قد فشل فى التعليم والحصول على شهادة فى الأدب الفرنسى إلا أنه عاد وفى جعبته عشرات الكتب والروايات التى خلدته بعد مماته والتى منها رواية ( عصفور من الشرق ) التى أخبرنا فيها عن أهم ذكرياته فى باريس .. لهذا فقد كان لدى حلم ورغبة حقيقية فى أكون ممن يشار اليهم بالبنان ( هذا العالم القدير الأستاذ الدكتور/ .. هو ذاته إبن الرجل الفقير ,
أذكر - حينئذ - أنه لم يكن أمامى من سبيل للخوض فى نسيج المجتمع الفرنسى إلا أن أسعى لصداقات جديدة وهو مافعلته بالذهاب الى المدينة الجامعية الدولية والتى لا تبعد كثيراً عن الحى اللاتينى والتى أنشأت عام 1925 وهى ملتقى للطلبة الأجانب من كافة دول العالم وبدعم من الحكومة الفرنسية , تضم بيوتاَ للدول لأقامة رعاياها فيها وكانت مساحة ( المطعم ) الذى أعد لناول الطعام فى تلك المدينة يتسع لأكثر من 2500 طالب على إختلاف جنسياتهم , كان هذا المكان ملتقى هام لكافة الدارسين وفيه إستطعت أن التقى بالعديد من الطلبة العرب وخاصة المغاربة والمصريين


إستيقظت فى صباح اليوم الرابع من وصولى باريس واتجهت الى (أحد بيوت الشباب فى ضاحية من ضواحى المدينة ) - وهى بيوت عديدة ومتناثرة فى مناطق مختلفة من فرنسا بدعم خاص من منظمة اليونسكو , تقدم خدمة المبيت والطعام لأى طالب وافد أيا كان بلده وجنسيتة مجاناً وذلك لمدة شهر واحد غير قابلة للتجديد , وبعد إجراء التسجيل فى بيت الشباب وإختيار غرفة يشاركنى فيها طالب ماليزى - أودعت حقيبتى المتواضعة فى خزانتى ثم غادرت المكان قاصداً محطة المترو وهناك إستخرجت إشتراكاً شهرياً منخفض التكلفة لأتمكن من الإنتقال حسبما شئت .. ولدواعى إقتناص الوقت فقد كان من المهم أن أبحث عن مدرسة أو معهد لتعليم اللغة الفرنسية , ومن خلال الدليل الخاص حصلت على عنوان ( مدرسة الإليانس فرانسيز ) وهى مدرسة متواضعة المصروفات ليست ببعيدة عن بيت الشباب كثيراً , وهناك تقدمت بطلب إلتحاق ولمدة شهر واحد حتى اتبين مستواها التعليمى , 5 حصص مسائية فى الإسبوع ) , تبين لى بعد ثمانية محاضرات أنها ليست المكان المؤهل لتعلم اللغة لقرب التشابه بينها ومدرسة المشاغبين ولكثرة التحرش بين الطلبة ,.كان على بعدئذ أن أجد مكان آخر وقد وفقت فى إختيار  المعهد الكاثوليكى الفرنسى ) وهو وإن كان بعيداً عن مكان الإقامة ومصروفاته عالية  الى حد ما  إلا أننى وجدت فيه الضالة المنشودة   نظراً لمستواه العالى فى تعليم اللغة الفرنسية ولإعتماده على برامج سمعية وناطقة لتعليم القدرة فى مخارج الألفاظ علاوة على انه معهد معتمد لتدريس اللغة حسب المعايير الأوروبية  وبه إمكانية تحصيل الدروس فى الفترة المسائية  وعلى ذلك فقد كنت سعيداً بتخطى أهم العقبات وانه على أن أجتاز عقبتين أخريين هما : تدبير العمل المناسب لتوفير مورد للتعيش ومواجهة المصروفات والآخر هو تدبير سكن مناسب ودائم بعد إنتهاء فترة الإقامة المجانية فى بيت الشباب .
كان الشوق يدفعنى بشدة الى رؤية جامعة السربون وبعد إتصال هاتفى بصديق عرفت مكانها فركبت المترو وذهبت الى الجامعة .. وقفت مشدوهاً أمام مبناها العريق والذى تشم من الهواء المحيط بكل أركانة عبق طيب وكأن للتاريخ عطر خاص .. مبنى يجبرك على الوقوف أمامه متواضعاً محنى القامة فأنت أمام صرح شامخ محلى بالجواهر .. تماما هو قريب الشبه أو نسخة مكبرة من جامعة القاهرة والتى استوحى مبناها من مبنى السربون .. شيد هذا المبنى فى القرن الثانى عشر وتحديداً عام 1257 م بمعرفة السير الفرنسى / روبرت دى سوربون وسميت الجامعة بإسمه تخليداً لذكراه والى لقاء آخر والحلقة  4

هذه بعض الصور الخاصة بجامعة السربون         
  (UNIVERSITE` PANTHEON SORBONNE  PARIS 2 )


( إضغط على الصور للتكبير )
الصورة الكبرى للمنظر العام للجامعة ثم الصور الصغرى : الفناء الداخلى واحدى المكتبات الرائعة والمدخل الغربى للجامعة ثم البهو الداخلى العام