21 ديسمبر 2022

الشيخ عبد العظيم الفقى

 واقعة شخصيه حقيقية 
- عام 1963 في بداية الستينيات وكان عمرى حينها بين الثانية عشرأو الثالثة عشر تقريباً , وكان من بعض عادات أمى رحمة الله عليها أن تستجلب فى بيتنا كل يوم خميس من كل اسبوع شيخ كفيف النظر منذ ميلاده ليتلوا في المنزل ما تيسر من القرآن الكريم تبركاُ وإحتساباً للأجر على روح أمواتنا وموتى المسلمين . وفى مساء ذات يوم , وبعد أن فرغ الشيخ عيد العظيم من القراءة وتناول وجبته الُمعتادة من " الفتة " التي يعشقها وعلى رأسها ترقد قطعتين مُحمرتين بالزبد من اللحم وقد بدت على أساريره علامات الإنبساط والإنشراح والرضا إلا أنه رفض غسل يديه بعد الفراغ من الطعام كى لا تضيع أمارات الشوربة واللحم وبقاؤها على جسده لوقت أطول – هكذا كان تعليقه الساخر كالعاده , فجأه , قالتى لى أمى : - الوقت تأخرعلى مولانا الشيخ وإحنا بعد العصر ويادوب يلحق القطر, قم يابنى وصله . - رددت عليها بأنى أجهز الواجب المدرسى للغد وليس لدى وقت لتوصيله فقالت : - إعمل معروف يابنى , الراجل كفيف والشارع زحمه وحيدعيلك دا مبروك - قمت بإصطحاب الشيخ وسلمته عصاين كما تأبطت زراعه وخرجنا معاً من المنزل حتى الخروج من شارعى الفرعى ثم إلى الشارع الرئيسى المؤدى إلى محطة القطار مباشرة بادرت الشيخ بسؤال عن موعد القطار فقال : باقى حوالى ربع ساعة فقلت له وكيف علمت وأنت لا تحمل ساعة ولا تر فأجاب : - أمك الله يمسيها بالخير كانت بتقولك إحنا بقبنا بعد العصر وطبعا موعد صلاة العصر معروف وأنا بأحدد فوات الوقت في راسى من غير ساعة لم أقف كثيراُ عند هذا السؤال وتلك الإجابة , وبعد أن قطعنا شوطاً من المشى على الطريق بادرنى بسؤال غريب ومثير للدهشه حين قال لى ثم أردف ذلك بالحوار التالى : - إنت واخد بالك يافوزى من البنتين اللى ماشيين قدامك ؟ - أنا , بنتين مين ياشيخ ؟ - هو , يابنى البنت اللى لابسة عباية سودا ع اليمين والتانية اللى لابسة جونله خضرا وبلوزة بيضا !!!!! - أيوه فعلاً يامولانا , بس إزاى عرفت وإنت " وقبل أن انطقها أدباً" قاطعنى فوراً ( أعمى طبعا ) فقلت نعم فقال : بعدين حأقولك , وأكملنا السير وأنا لازلت في قرارة نفسى مندهشاً بعد أن لفت نظرى إلى موضوع الفتاتين اللتان تسيرا أمامنا وقد تأكدت بنفسى من ألوان ثيابهن كما أخبرنى الشيخ تماماً , ورغم حداثة سنى وعدم التركيز كثيراً في حالة ان يصف الأعمى مايراه بلا عينين رغم عدم وجود شخص ثالث معنا إلا أننى لم أسأله في سر ذلك الأمر الغريب , كما لم أشأ أن أقطع عليه مزاجه الخاص وهو يدندن بصوت هامس لمقطع من أغنية أم كلثوم " جددت حبك ليه " , لكنه – فجأه – قطع ترنيمته الهامسة وسألنى فجأة : - العيلين اللى راكبين عجله على شمال البنتين إياهم في غاية قلة الأدب لأنهما كانا يتحرشان بالفتاتين ويضيقان عليهن الطريق - أدرت عيناى فجأه فلاحظت فعلاً صبيان أحدهما يقود الدراجة والآخرجلس خلفه وحينئذ سألت الشيخ عبد العظيم : - إنت شفت بنفسك المشهد ده يامولانا ؟ فأجاب نعم , وهنا وجدت نفسى مضطراً إلى التوقف ثم قمت بنزع النظارة السوداء من على عين الشيخ لأتأكد أنه لا يبُصر فعلا حيث وجدت عيناه مُغلقتان تماما , كما تحسست بيدى عليهما لمزيد من التأكد فزادت دهشتى إندهاشاً أكثر من قبل , والأعجب أنه لم يسألنى لماذا خلعت من على وجهه النظارة ثم أدركت سريعاً أنه كان منبهراً بأسألتى الساذجه لكنه كان ذكياً في عدم الإجابة ليفاجأنى عند توصيله إلى محطة القطار بالأسرار المذهلة . - أوشكنا على الوصول إلى المحطة , وبعد أن حجزت له تذكرة وسلمته إياها وإنتظرنا معاً قليلاً على رصيف المحطه حتى يأت القطار حيث دار بيننا الحوار التالى : - انا : إزاى ياعم الشيخ شفت البنتين ووصفت ملابسهن بالألوان , وإزاى شفت الولدين اللى على الدراجه , وأنهما كانا يتحرشان بالبنتين رغم إنك لاترى ؟ - دا يابنى سر إلهى وفضل من عند الله والحمد لله - فسر لى ياشيخ عبد العظيم مش عاوز ألغاز . - شوف يابنى , - مسألة إنى أبلغتك بألوان ملابس البنتين , كانت برضه مسألة سهلة جداُ , فأنا " سمعت" الولد اللى كان قاعد على الكرسى الخلفى للعجلة بيقول لصاحبه : - عارف ياصلاح إن البنت اللى كانت لا بسه الجونلة الخضرا وبلوزه بيضا أجمل من صاحبتها اللى لابسة عباية سودا , وصلت يابو الفوز ؟ فرديت : وصلت ياشيخ ولله في خلقه شئون ومش ح أسألك :: عرفت منين ن أن كان ولد بيسوق العجلة ومين اللى كان قاعد وراه لأنى بقيت متأكد أن عندك الجواب ... ثم إستطرد الشيخ عبد العظيم كلامه : - من نعم الله تعالى على عباده انه لو إبتلى شخص بفقد عضو من أعضاء جسده فإن الله يعوضه في ذات الوقت في عضو آخر من الجسد أو يقدر الله سبحانه له عوضاً يناسب ظروف المبلتى وهى نعم لا حصر لها ولا عدد فقد يعوضه الله بوافر من المال أو الصحه أو يرزقه الله بخلف إن كان عديماً أو بعلم يرفع من شأنه أو غير ذلك مما يقدره الله له , وأن الله تعالى قد أكرمنى بقوة السمع فأستطيع بأذناى أن ألتقط الهمس على مسافة بعيدة قد لا تكون في الإنسان الطبيعي , ولكى أطمأنك فقد كنا خلف الفتاتين مباشرة وأسمع خطواتهن دونا عن باقى الخطوات الأخرى وأميزهم عن غيرهم من السائرين بجوارنا أو أمامنا أو خلفنا , وتلك الحاسة المميزة عندى أشبه بالرادار ولا تخزلنى أبداً والحمد لله . كان هذا هو الدرس الأول فى بواكير عمرى منذ أكثر من ستون عاماً مضت ولازال قابعا في صدرى بأدق تفصيلات حتى الآن , فالحمد كل الحمد لرب العرش العظيم إذ يقول : بسم الله الرحمن الرحيم : " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ المُستشار فوزى البحيرى

حرب 67

صفحة من ذكرياتى في حرب 67 ولم نكن ندرك جميعا على وجه التحديد وقت وقوع هذا العدوان الغاشم من إسرائيل سبب نشوب هذه الحرب المفاجأه, أو ما تسمى بحرب الأيام السته التي غيرت منطقة الشرق الأوسط تغييراً كبيرا حيث , إستهلت الإذاعة المصرية بإصدار بيان عاجل بقيام إسرائيل في الساعة 8:45 دقيقة من صباح يوم الاثنين الخامس من يونيو - ولمدة 3 ساعات - بغارات جوية على مصر في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل. وبين الحين والآخرتطالعنا في نشرات الأخبار المتوالية لجظة بلحظة عن أخبار عاجلة جميعها تقريباً كانت تعلن بشارات النصر والتفوق العسكرى لمصر على إسرائيل فتارة تعلن النشرة عن إسقاط عدد كبير من طائرات العدو يتلوها بعد ساعة تقريباُ خبر آخر بقيام القوات المسلحة المصرية بتدمير رتل من العربات المدرعة أو العربات والدبابات المدرعة أو غير ذلك من الأسلحة الثقيلة , لذلك كنا حريصون على متابعة تلك الأخبار أولاً بأول وأذكر علامات الفرح الكبيره على وجوه المصريين خاصة المتجمعين بكثرة في النوادى والمقاهى الشعبية وهتافاتهم المرتفعه وتهليلاتهم وتكبيراتهم بعبارات ( الله أكبر.. الله أكبر ) عقب كل بيان تصدره النشرة مع إستمرار بث الأغانى الوطنية الحماسية معظم النهار , وبناء على تعليمات وزارة التربية والتعليم لجميع مدراء المدارس الثانونية بمحافظتى بالتوجه فوراً إلى مقرات " منظمة الشباب الإشتراكى " للتطوع بالمساعدة على جنودنا في جبهات القتال وخاصة في محافظتى السويس والإسماعيلية وسائر مدن القنال , وقد قامت المحافظة بالفعل بتخصيص عدد من المباني في مدينة الزقازيق لإستقبل الطلاب المتطوعين وتسجليهم ومنحهم بطاقات تعريفية تحت مظلة هذه المنظمة , كان صوت صفارات الإنذارالعاليه المخيفة ترعبنا حيث على إثر سماعها إطفاء كل أنوار المدينة بأسرها وغلق المتاجر والمحلات وتقريبا تكون الحالة العامة في الظلام الدامس أشبه بالشلل التام خاصة وان كثرة مرات إطلاق صفارات الإنذار متلاحقة مما ينبىء عن خطورة الوضع وما ستئول إليه الأحداث , دفعنى الحماس بالذهاب الى مركز منظمة الشباب في المبنى المقابل لنادى السكة الحديد مرتدياً " الملابس العسكرية التي كنا – كطلاب نرتديها في حصة التربية العسكرية بالمدرسة " وبعد إجراءات التسجيل وإستلام بطاقتى ومعرفة المكان الذى سأتوجه إلية لبدأ مهمتى في التطوع وكان المقر هو " مدرسة النحال الإعدادية للبنات " وهناك وجدت المئات من شباب الطلاب يتلقون تعليمات مهام الأعمال التي ستناط بهم من بعض الضباط العسكريين وقد إسمى من خلال كشف الأسماء وأماكن المناطق التي يقع فيها إختصاصى . كانت منطقة قسم النحال هو مكانىوالذى أقيم فيه فعلاً وكان إختصاصى ينحصر في بندين أولهما التواجد صباح كل يوم في هذه المدرسة للمشاركة في إستلام صناديق الأسلحة والذخيرة الواردة من مخازن وزارة الدفاع كمرحلة أولى ثم في المرحلة الثانية فك الصناديق الموجود بها قطع السلاح المفككة لنعيد تركيبها – حسب تعليمات القيادة – ثم إعادتها لصناديقها مرة أخرى ثم تجميعها ليأخذها فريق آخر ووضعها في السيارات العسكرية ثم نقلها إلى مدن القنال لتوزيعها على الوحدات العسكرية .أما البند الثانى فهو المشاركة في الدفاع المدنى في مراقبة إطفاء الأنوار العامة عقب سماع صفارة الإنذار الليلية . وفي ظهيرة اليوم التالى من نشوب الحرب وأثناء عودتى للمنزل شاهد كم كبير من السيارات العسكرية المكشوفة بحيث يمكن للمارة رؤيتها لا تقل عن خمسون سيارة معبأة بأكوام من جثث الجنود المصريين ملقاه بصناديق السيارارات قادمة من أرض المعركة في مدن القنال ومتوجهة إلى مبنى المستشفى العام , كان المنظر مروعاً لأقصى الحدود ومؤلماً ولن أتخيل أنى سأرى أسوأ من ذلك المشهد ما بقى لن من عمر , عنئذ أدركت حقيقة الأمر الذى أخفته عنا نشرات الأخبار , وأدركت أن الأغانى الوطنية والموسيقات العسكرية وتبشيرات المذيعين بالنصر على إسرائيل كلها كاذبة حبث – بنفسى – رصدت مرور اكثر من خمسون عربة في طابور واحد لا يقل في كل واحدة منها لا يقل عن مائة شهيد , وأن مؤكد هناك طوابير أخرى بذات الحجم والعدد ستمر من أمامى أو سيتم توزيعها على مستشفيات في مناطق أو في أوقات . إذاً , لماذا كانت هذه الحرب , وما أسبابها ؟ وهل كنا البادئين فيها أم كنا ندافع عن النفس ؟ ولماذ تم تضليلنا نحن الشعب في إخفاء تلك الوقائع وفى بشارات النصر المرتبطة بالأغانى الوطنية والأكاذيب التي توحى بالنصر على إسرائيل وكأننا على أبواب تل أبيب ؟ وحتى وقت قريب بعد مضى أكثر من 50 عاماً فقد بدأت في إستعادة الأحداث قليل منها من الذاكرة والباقى من خلال صفحات أخرى من ذكريات بعض من مروا بتلك الحقبة الكئيبة المريرة من تاريخنا العربى السياسى . هناك جملة أسباب أدت إلى نشوب حرب 1967 التي قادت إلى ما سمي "النكسة"، وبعض هذه الأسباب مباشر وبعضها غير مباشر. ـ تتمثل الأسباب غير المباشرة في اعتبار إسرائيل أن الأحداث التي تلت حملة سيناء عام 1956 (العدوان الثلاثي) تشكل تهديدا لأمنها، ومن أبرز هذه الأحداث جهود التسلح التي تبذلها مصر بقيادة جمال عبد الناصر، ونشاط سوريا ضد المستعمرات الإسرائيلية على الجبهة السورية وأمام الجبهة الأردنية. ـ من هذه الأحداث أيضا قرار القمة العربية 1964 في القاهرة بتحويل مياه نهر الأردن في كل من سوريا ولبنان وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية 1965. ـ أما عن الأسباب المباشرة فتقف في طليعتها قرارات وأحداث مهمة وقعت منذ منتصف مايو/أيار 1967، من بينها مطالبة مصر بسحب قوات الأمم المتحدة من سيناء وبدؤها حشد جيشها في سيناء، وإغلاقها يوم 22 مايو/أيار "مضايق تيران" بالبحر الأحمر في وجه الملاحة الإسرائيلية، وهو ما اعتبرته إسرائيل بمثابة إعلان رسمي للحرب عليها. ـ إثر ذلك بدأ تخطيط إسرائيل لشن الحرب على دول الجوار العربي مع مطلع يونيو/حزيران عام 1967 في ظل تواطؤ خفي ظاهره عدوان ضد سوريا، حيث أبلغ وفد سوفياتي مصر أن إسرائيل حشدت 11 لواء على الحدود السورية، وإعلان مصر تدخلها لمساندة سوريا وما تلاه من أحداث. الميزان العسكري ـ توزعت الغارات على 3 موجات، نفذت الأولى 174 طائرة والثانية 161 والثالثة 157 بإجمالي 492 غارة، ودُمّر فيها 25 مطارا حربيا وما لا يقل عن 85% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض. ـ طبقا للبيانات الإسرائيلية فإنه تم تدمير 209 طائرات من أصل 340 طائرة مصرية كانت الجبهة المركزية بالنسبة لإسرائيل، وجرت أحداثها العسكرية والدبلوماسية خلال أيام الحرب الستة كالآتي: ـ اليوم الأول: انطلقت في أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية مباشرة -وفي الساعة 9:15- تشكيلات القوات البرية الإسرائيلية لتخترق الحد الأمامي للجبهة المصرية في سيناء بـ3 مجموعات عمليات. ـ في ساعة متأخرة من المساء استطاعت -بهجومها على المحاور الثلاثة الشمالي والأوسط والجنوبي- تدمير فرقتيْ مشاة النسق الأول السابعة والثانية، اللتين كان يرتكز عليهما النظام الدفاعي المصري. ـ اليوم الثاني: صباح السادس من يونيو/حزيران سقطت العريش وانفتح المحور الشمالي أمام القوات الإسرائيلية المدرعة. ـ كانت مهمة الطيران الإسرائيلي طوال اليوم هي تثبيت الوحدات المدرعة في الممرات الجبلية، وفي مساء اليوم نفسه أذاعت إسرائيل أن عناصر قواتها وصلت إلى قناة السويس مما أصاب جنود الجيش المصري بالذعر، في حين أطلق عليه الغرب "الحرب الخاطفة". ـ في مساء هذا اليوم أيضا تمكن الإسرائيليون من الاستيلاء على مدينتيْ غزة وخان يونس في قطاع غزة الذي كان يخضع آنذاك للسيادة المصرية. ـ كان نائب القائد الأعلى للقوات المصرية عبد الحكيم عامر قد أصدر في الساعة الخامسة مساء أمرا بالانسحاب العام لجميع قوات سيناء إلى غرب قناة السويس، على أن ينفذ على مراحل وخلال الأيام التالية، وهو القرار الذي أثر سلبا على أداء الجيش المصري وعلى مسار الحرب بالنسبة له. ـ أما على الصعيد الدبلوماسي الدولي فقد صدر ذلك اليوم قرار مجلس الأمن رقم 233 بوقف إطلاق النار، وهو ما كان يعني حينها إقرارا دوليا باحتلال إسرائيل أراضي مصرية وحرمان مصر من حقها في استعادتها. ـ اليوم الثالث: كان على القوات المصرية صباحا وفي وسط سيناء مواجهة 3 مجموعات عمليات، وظهرت في هذا اليوم -الذي تركزت فيه العمليات على الجبهة المصرية مع وقف إطلاق النار على الجبهة الأردنية- بوادر الانهيار التام للقوات المصرية مع قرب وصول القوات الإسرائيلية إلى قناة السويس. ـ اليوم الرابع: مع قرب وصول القوات الإسرائيلية إلى قناة السويس بدأت في هذا اليوم الاستعدادات للدفاع عن القاهرة من مدخليْ السويس والإسماعيلية. ـ جرى حديث بين السوفيات والرئيس عبد الناصر عن وقف القتال على الجبهة المصرية، في الوقت الذي شكلت فيه الوحدات المصرية المدرعة الباقية سدا دفاعيا وسط سيناء، ولكن مع قبول مصر وقف إطلاق النار كانت قد انهارت الدفاعات المصرية الباقية شرق القناة، وبدأ الارتداد العام والانسحاب من سيناء. ـ اليوم الخامس: قامت القوات الإسرائيلية في هدوء باحتلال سيناء كلها حتى شرم الشيخ، باستثناء الخط من رأس العش شمالا وحتى شرق بور فؤاد الذي ظل تحت سيطرة القوات المصرية. ـ على الصعيد الدبلوماسي الدولي صدر في هذا اليوم قرار مجلس الأمن رقم 235 لتأكيد وقف إطلاق النار، بينما أعلن عبد الناصر في أعقاب هذه الخسارة تنحيه عن السلطة. ـ اليوم السادس: إثر تنحي الرئيس عبد الناصر؛ استقال عبد الحكيم عامر ووزير الحربية شمس بدران، وخرجت مظاهرات شعبية ترفض قبول تنحي الرئيس وطالبت بعودته، فوافق عبد الناصر على ذلك وعاد إلى الحكم. ـ توقفت الحرب مساء يوم العاشر من يونيو/حزيران، وصدر قرار من مجلس الأمن 236 الساعة الرابعة والنصف من يوم 11 يونيو/حزيران ينص على إدانة أي تحرك للقوات بعد 10 يونيو/حزيران. ـ بانتهاء الحرب حققت إسرائيل نصرا كبيرا كانت له نتائج مهمة عسكريا وسياسيا واقتصاديا. وخسر العرب في هذه الحرب المزيد من الأراضي لصالح إسرائيل، أما الخسائر البشرية والعسكرية للحرب فغالب بياناتها قد تضاربت لكونها معلومات سرية. ـ لم تتوقف الخسائر البشرية عند هذا الحد وإنما أجبرت تلك الهزيمة التي مُني بها العرب ما بين 300 ألف و400 ألف عربي من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة والمدن الواقعة على طول قناة السويس (بورسعيد والإسماعيلية والسويس) على الهجرة من ديارهم، وخلقت مشكلة لاجئين فلسطينيين جديدة أضيفت إلى مشكلة اللاجئين الذين أجبروا على ترك منازلهم بعد أحداث النكبة عام 1948. ـ كما أجبرت الحرب قرابة 100 ألف من أهالي الجولان على النزوح من ديارهم إلى داخل سوريا. وألحقت هزيمة نفسية بالجيوش العربية بعد أن فقدت الكثير من ثقتها في قدراتها العسكرية وكفاءتها القتالية، في حين ارتفعت معنويات الجيش الإسرائيلي وراجت مقولته القائلة إنه "الجيش الذي لا يقهر" . المستشار فوزى البحيرى