لم يدم بى الحال طويلاً فى العمل بالمطاعم الفرنسية كغاسل أطباق , ولم يكن هناك أدنى أمل فى الحصول على ترقية والاشتغال - مثلاً - متروديتيل أى جارسون وهو عمل أكثر رفاهية من عدة وجوه فهو يبقيك دائماً نظيفاً مهندم الثياب ويجعلك مختلطاً بالناس بصفة مستمرة بدلاً من قضاء ساعات النهار فى سرداب المطعم لا تر الا الآوانى والآكواب والشوك والملاعق والسكاكين , علاوة عى ارتفاع الاجر بالمقارنة بغسيل الاطباق , لقد كان الحائل الوحيد هو عدم اجادة اللغة الفرنسية والتى تعد شرطاً أساسياً لتلك المهنة , لذا فقد كان هاجس البحث عن عمل آخر بديل أقل جهداً ويحفظ للمرأ ماء وجهه وكرامته وأن يجد متسعاً من الوقت للتحصيل والدراسة وهى الاهم فى رحلتى .
كان الاشتغال مع أصحاب أعمال وموظفين عرب هو الحل المؤقت نتيجة لعدم اتقان الفرنسية من ناحية ولأننى لم أكن على دراية كافية بالمناخ الأوربى وكيفية الإندماج والتأقلم والإنصهار مع المجتمع الفرنسى بوجه خاص من ناحية أخرى ، لذا فقد مارست العديد من الأعمال الحرفية التى لا يشترط لادائها إستعمال اللغة إلا بالقدر اليسير وهذا كان متوفراً فى صورة إلتقاط وحفظ العبارات الشائعة والأكثر تداولاً فى المجتمع والتى من خلالها يستطيع المرء أن يقضى حوائجه بسهولة ، كان من ضمن تلك الأعمال ( بيع الخضروات والفاكهة ) فى الأسواق الفرنسية ( مارشية ) خاصة فى المناطق والأحياء الشعبية التى يغلب فيها الطابع العربى والإفريقى كأسواق ( بل فيل ) و( باربيس ) و ( لاشابيل ) و (مونتروى ) وغيرها حيث من السهولة بمكان التعامل مع أصحاب الأعمال الذين أغلبهم من اليهود التنونسيين أو الجزائريين
، كذلك فقد كان من بين الأعمال التى كان لى حظ العمل فيها هى ( الصبغ ) أو باللغة المصرية ( نقاش ) وباللغة الفرنسية ( بانتير ) يندرج تحتها كافة أعمال الديكور الخارجى والداخلى للمبانى والشقق السكنية من دهانات ولصق ورق حائط وموكيت وأنوه إلى أن طبيعة هذا العمل قد لاقت هوى فى نفسى لانها ترجمة حقيقية لهواية الرسم التى أمارسها بشغف وإجادة .لكننى أذكر واقعة أليمة إضطرتنى إلى ترك هذا العمل وعدم العودة إليه مرة أخرى فقد حدث قيام أحد المصريين المتخصصيين فى تركيب ( البلاتوه ) أى العربة المتحركة التى تجهز على واجهة المبنى وتستخدم فى طلاء الواجهات الخارجية نزولاً وطلوعاً بطريقة آلية ،ولخطأ فى تثبيت البلاتوه تثبيتاً جيداً فقد سقط قتيلاً من الطابق الخامس مما جعلنى
والى حلقة أخرى إن شاء الله تعالى.
هناك تعليق واحد:
nice blog & topics.. keep going
إرسال تعليق